فن الأسئلة الصفية
د. غسان يوسف قطيط
المرجع: الاستقصاء 2011 / دار وائل للنشر والتوزيع: عمان
يعمل المعلم باستمرار على جمع المعلومات عن الطلبة؛ وذلك من أجل تقديم التغذية الراجعة لهم، والاطمئنان على مستوى فهمهم وتفاعلهم معه، وتعد أحد الأساليب الناجحة التي تؤمن للمعلم التغذية الراجعة المناسبة هي الأسئلة الصفية.
وتعد الأسئلة الصفية وسيلة جيدة لحفز الطلبة على المشاركة في الدرس، ومن الواجب أن تكون من النوع المناسب لقدراتهم ومستوياتهم حتى لا تكون مصدر تنفير لهم، والأسئلة الصفية قد تكون مفتاحاً للدرس الجديد ( بداية الدرس)، وذلك عندما يريد المعلم أن يتعرف على خبرات طلبته بالمادة التي سيقوم بتدريسها، أو إنها قد تأتي في أثناء الشرح أو في أعقابه؛ وذلك حتى يتأكد من مدى استيعابهم لما يقوم هو بتدريسه لهم أثناء الحصة ذاتها أو قد تكون الأسئلة من أجل التقويم الختامي لطلبته ( Orlich et al.,2001).
وعلى المعلم أن يتأكد من المعرفة السابقة لدى طلبته والمرتبطة بالمادة التي سيقوم بتدريسها لهم، والتي من المحتمل أن يكونوا قد سبق لهم أن اكتسبوها بطرقهم الخاصة؛ حتى يستطيع أن يوجه تدريسه الوجهة الصحيحة، ولا يكون هذا بالطبع إلا عن طريق طرح الأسئلة الصفية في بداية الحصة .
كما ان تحديد المعلم لمواطن الضعف ومواطن القوة لدى طلبته يزوده في العادة بتغذية راجعة سريعة يحاول أن يستغلها ويستفيد منها كمدخل في إصلاح تدريسه، وتعديله بحيث يتناسب مع قدرات طلابه وإمكانياتهم ( Orlich et al.,2001).
وتُسهم الأسئلة الصفية في مساعدة المعلم على التقويم المستمر للطلبة؛ وذلك لأنها في واقع الحال تقّيم الموقف التعلمي التعليمي، وتعمل على توجيهه هذه الوجهة أو تلك. كما أن المعلم لا يتعرف فقط على مواطن الضعف ومواطن القوة عند طلبته وإنما أيضاً إلى مواطن الضعف ومواطن القوة في أسلوب تدريسه، وبذلك يعمل على تعديلها وإصلاحها حسب ما يراه مناسبا وبما يتفق والتغذية الراجعة( قطيط، 2009) .
وتتنوع أسئلة المعلم بين الأسئلة المغلقة والمحددة بإجابة واحدة وتخاطب مهارات تفكير دنيا، والأسئلة المفتوحة التي تدعوا إلى إجابات عدة وتنمي مهارات التفكير العليا، وعلى المعلم أن يطرح الأسئلة التي تتناول مشكلات تحتاج إلى: البحث عن حلول، وتحدي عقول الطلبة، وتحفزهم للعمل والمشاركة، وتمس جوانب هامة من الدرس، وتعتمد في إجابتها على تنمية مهارات التفكير العليا مثل:
- التحليل
- التركيب
- التقويم.
- التفكير الناقد (قطيط، 2009).
ويمكن تصنيف الأسئلة التي يستخدمها المعلم في الصف من حيث طرق إعدادها إلى نوعين هما:
النوع الأول: الأسئلة التي يعدها المعلم مسبقا قبل دخوله الصف، وتمس نقاطاً محددة يحاول المعلم أن يبرزها وأن يوجه أنظار الطلبة إليها.
النوع الثاني: الأسئلة التي يسألها المعلم حسب ظروف الموقف الذي يكون فيه في تلك اللحظة (الأسئلة العرضية). وتحتاج الأسئلة العرضية إلى عناية، كما أن المعلم يحتاج إلى تدريب جيد على أصول صياغتها وحسن استخدامها وتوظيفها في خدمة أغراضه التدريسية، بحيث تكون من النوع القصير والمباشر والذي يمس مشكلة محددة حتى يتم توجيه أنظار الطلبة إليها، كما أن هذه الأسئلة يجب أن تكون من النوع الذي يستطيع بعض الطلبة الإجابة عنها حتى يكن منطلقاً للحوار والنقاش، إذ أنه لا فائدة من توجيه الأسئلة التي لا يستطيع أي من الطلبة الإجابة عنها ( Orlich et al.,2001).
ويحتاج المعلم إلى توزيع الأسئلة على مختلف الطلبة سواء الطلبة الأقوياء أو الطلبة الضعاف، فمن الواجب أن لا يحصر المعلم أسئلته في نفر محدد من الطلبة، وهم في الغالب الطلبة الأقوياء، كما انه عليه أن لا يوجه أسئلة محرجه أو صعبة إلى الطلبة الضعفاء أو الذين يتصفون بالخجل لأنه في كل من هاتين الحالتين يعمل على زيادة مشاكل هذه الفئة من الطلبة بدلاً من أن يساعدهم على التخلص منها( قطيط،2009 ).
ومع أن المعلم هو المصدر الرئيس لطرح الأسئلة الصفية وإدارتها وتوجيهها، إلا انه من الواجب أيضاً تدريب الطلبة على طرح الأسئلة المختلفة عن المادة ذاتها. ويكون ذلك عادة بأن تتم قسمة الصف إلى مجموعات. وبخاصة في أعقاب الانتهاء من شرح الحصة، والطلب من كل مجموعة أن يقوموا بتوجيه الأسئلة إلى المجموعة الأخرى.
ويرى المعلمون أن طرح الأسئلة، يشجع الطلبة على التعلم من بعضهم البعض بإصغائهم إلى إجابات الطلبة الآخرين، ولكن هذا الأسلوب لا يصلح للتدريس بشكل دائم، وتعتمد فاعلية الأسئلة على مقدرتها على إثارة التفكير لدى الطلبة، والأسئلة الجيدة هي التي تشجع الطلبة على التفسير ، والتنبؤ، والتعميم ، والبرهان، ومن أمثلة ذلك:
- كيف.... ؟
- ماذا لو ....؟
- لماذا هذا صحيح دائما ؟
- لماذا استخدمت هذه الطريقة ؟
- لماذا تعتقد بأن هذا الشيء سيحدث ؟
- افترض انك حاولت بـ ........ ؟
- ربما انك بحاجة لإعادة التفكير في .....؟
ويحتاج المعلم إلى إعطاء الطلبة فترة انتظار للتفكير والإجابة، فعند انتهاء الطالب من الحديث حول موضوع ما، يطلب إلى المعلم عدم التعليق، أو طرح الأسئلة حول الموضوع، وإنما اعطاء فترة انتظار لعدة ثوان لاستئناف الحديث ؛ لان بعض المعلمين لا يعطون فترة انتظار للتفكير والإجابة. ويمكن أن يستخدم وقتين للانتظار هما:
- وقت الانتظار الأول: يُعطى الطالب بعد كل سؤال وقت بضع ثواني للتأمل والتفكير في الإجابة مما يساعد الطالب على التخيل والتأمل في أبعاد السؤال المختلفة.
- وقت الانتظار الثاني: يقوم المعلم بإعطاء الطلبة بضع ثواني بعد كل إجابة ليسمح لهم بمواءمة الإجابات التي سمعوها مع ما لديهم من أفكار أو إجابات، ومن ثم السماح للطلبة للإجابة عن السؤال ( قطيط وآخرون، 2009).
ومن خلال ما تقدم من شرح تناول أسئلة المعلم فإن المعلم الذي يريد أن يوظف الاستقصاء في تدريسه لا بد أن يراعي في عمله نوع الأسئلة التي يريد أن يطرحها على طلبته، وبما أن دور المعلم ضمن فعاليات الاسقصاء لا بد أن يكون موجها، فإن توجيه الطلبة يكون من خلال الأسئلة التي توجه الطلبة نحو قضية أو مشكلة البحث، وكلما كانت الأسئلة دقيقة وقريبة من المشكلة كانت إجراءآت الطلبة أكثر وضوحا وأكثر ارتباطاً بالمشكلة. |